ثالثا: أساليب التحري الخاصة:
يتمثل الغرض من أساليب التحري الخاصة في تيسير اكتشاف تجار المخدرات وجمع الشواهد على أنشطتهم الآثمة كما يتمثل في استبانه الأموال المتأتية من هذه الأنشطة ومصدرها ومصادرتها حيث أجاز التشريع النموذجي للسلطات القضائية إن تآمر بفرض المراقبة على الحسابات المصرفية والحسابات التي في حكمها وفرض الرقابة على خطوط الاتصالات الهاتفية أو التنصت عليها والنفاذ إلى الأنظمة المعلوماتية وتسليم العقود الرسمية والعقود العرفية والوثائق المصرفية والمالية والتجارية .
وقد استلهم التشريع النموذجي من قرارات اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان فهو يقضي بان تآمر السلطة القضائية إلى اللجوء لهذة الاساليب لمدد محددة عندما تتوافر مؤشرات جدية تحمل على الاعتقاد باحتمال استخدام الأشخاص المشتبه في تورطهم في عمليات اتجار غير مشروع أو غسل أموال للحسابات المصرفية أو الخطوط الهاتفية أو النظام المعلوماتية أو بإمكانية وجود علاقة بين الوثائق والمستندات وتلك الجرائم .
خامسا :تحريم التذرع بالسر المصرفي:
أصبح تقييد السرية المصرفية والمالية يمثل مطلبا ملحا وشرطا لا غنى عنة للمكافحة الجادة وللتعاون الدولي الفاعل في هذا الصدد الأمر الذي عنيت به الوثائق الدولية الأساسية ذات العلاقة مثل بيان بازل (1988)وبرنامج العمل الدولي (1990)والتوصيات الأربعين لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية(1990) .
اذا اشتملت هذه الوثائق في جملتها على مجموعة من التدابير التي يتعين على الدول اتخاذها للحد من إطلاق السرية المصرفية والحيلولة دون استخدام النظام المصرفي المالي في غسل العائدات المتأتية من الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والتعاون مع أجهزة الشرطة والقضاء في الكشف عن الصفقات والتحويلات المشبوهة وفي تحديد وتعقب هذه العائدات وتجميدها ومصادرتها. كما ذكرنا في بداية البحث عن التدابير والإجراءات التي تدعم الاتجاه إلى تقييد السرية المصرفية والمالية وتسهيل ومنع وكشف جرائم غسل الأموال فان المادة رقم (20) من التشريع النموذجي تحظر التذرع بالسرية المصرفية لرفض تقديم المعلومات اللازمة للتحريات أو المسائل المتعلقة بالاتجار غير المشروع بالمخدرات ، ويشمل ذلك حذر المصارف وغيرها من المؤسسات المالية كما يشمل الوسطاء الماليين والمحامين والموظفين العموميين فلا يجوز لهم الاحتماء وراء السر المهني .
المطلب الثاني :الجهود الإقليمية لمكافحة غسيل الأموال:
1- الجهود التي قام بها المجلس الأوروبي لمكافحة غسيل الأموال وأهمها اتفاقية استراسبورغ، لقد وقعت هذه الاتفاقية في مؤتمر استراسبورغ في الثامن من شهر نوفمبر لسنة 1990 وذلك من قبل الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي السبع التي تعهدت بمكافحة عملية غسيل الأموال وذلك انطلاقاً من قناعة هذه الدول بالحاجة إلى إتباع سياسة جنائية مشتركة وذلك من أجل حماية المجتمع من الجرائم الخطيرة كما أنها تتطلب أساليب حديثة وفعالة من بينها حرمان المجرمين من عائدات الجريمة ومن ثم إقامة نظام فعال وسليم للتعاون الدولي.
ويرى الباحث أن الاتفاقية المذكورة قد سعت إلى إلزام الدول الأطراف إلى مكافحة غسيل الأموال المتحصلة عن الجريمة واتخاذ الإجراءات التي يتعين إتباعها لملاحقة وضبط ومصادرة الأموال الناجمة عن مثل هذه الجرائم.
2-الجهود والمؤتمرات لدى جامعة الدول العربية لمكافحة غسيل الأموال.
أ- الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال الغير مشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية: حيث أقر مجلس وزراء الداخلية العرب هذه الإستراتيجية في تونس سنة 1986 وتهدف هذه الإستراتيجية إلى تحقيق التعاون الأمني العربي لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية وكذلك إلغاء الزراعة غير المشروعة للنباتات المنتجة لهذه المخدرات ومن ثم فرض رقابة شديدة على مصادرة المواد المخدرة.
ب- الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1994م، وتمت المناداة بإستراتيجية عربية موحدة لمكافحة الاستعمال والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية كما صدر عن المجلس في دورته الرابعة القانون العربي الموحد للمخدرات .
ت- المؤتمر الذي عقد في العاصمة الأردنية (عمان) سنة 1994 والذي شاركت فيه وفود من مصر والأردن والبحرين وفرنسا والسعودية وقد اهتم هذا المؤتمر ببحث موضوع غسيل الأموال الناتجة عن الجرائم بصفة عامة وأهمية القضاء على هذه الظاهرة من أجل المساهمة في مكافحة المخدرات بأنواعها المختلفة.
ث- المؤتمر العربي السادس عشر لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات ، عقد هذا المؤتمر في تونس خلال الفترة 10-14 /7/2002 وذلك بدعوة من الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ومن أهم توصيات هذا المؤتمر بشأن مكافحة غسيل الأموال هي:
1- دعوة الدول الأعضاء إلى تعزيز تبادل المعلومات بين أجهزة مكافحة المخدرات وكل من القطاع المصرفي والمالي وذلك فيما يتعلق بغسل الأموال الناجمة عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات وذلك بزيادة التعاون في التحقيق في هذه الجرائم .
2- دعوة الدول الأعضاء إلى إنشاء وحدات متخصصة من أجل رصد ومتابعة عمليات غسيل الأموال الناجمة عن الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.