لو درسنا شخصية أي مغرور أو أيّة مغرورة، لرأينا أنّ هناك خطأً في تقييم وتقدير كلّ منهما لنفسه .
فالمغرور ـ شاباً كان أو فتاة، رجلاً كان أو امرأة ـ يرى نفسه مفخّمة وأكبر من حجمها
فيداخله العجب ويشعر بالزهو والخيلاء لخصلة يمتاز بها
أو يتفوّق بها على غيره
وقد لا تكون بالضرورة نتيجة جهد شخصي بذله لتحصيلها
وإنّما قد تكون هبة أو منحة حباه اللهُ إيّاها .
ومنشأ هذا الاختلال في التقويم هو شعور داخلي بالنقص
يحاول المغرور أو المتكبّر تغطيته برداء غروره وتكبّره
وقد جاء في الحديث : «ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلاّ لذلّة وجدها في نفسه»
ولو نظرتَ إلى المغرور جيِّداً لرأيت أ نّه يعيش حبّين مزدوجين
حبّاً لنفسه وحبّاً للظهور
أي أنّ المغرور يعيش حالة أنانية طاغية
وحالة ملحّة من البحث عن الإطراء والثناء والمديح
وفي الوقت نفسه، تراه يقدِّم لنفسه عن نفسه تصورات وهمية فيها شيء من التهويل
وهنا يجب التفريق بين مسألتين : (الثقة بالنفس) و (الغرور) .
فالثقة بالنفس، أو ما يسمّى أحياناً بالاعتدادَ بالنفس تتأتّى من عوامل عدّة
أهمّها : تكرار النجاح، والقدرة على تجاوز الصعوبات والمواقف المحرجة، والحكمة في التعامل، وتوطين النفس على تقبّل النتائج مهما كانت، وهذا شيء إيجابي .
أمّا الغرور فشعور بالعظمة وتوهّم الكمال
أي أنّ الفرق بين الثقة بالنفس وبين الغرور
هو أنّ الأولى تقدير للإمكانات المتوافرة
أمّا الغرور ففقدان أو إساءة لهذا التقدير
وقد تزداد الثقة بالنفس للدرجة التي يرى صاحبها ـ في نفسه ـ القدرة على كلّ شيء، فتنقلب إلى غرور .
وهذا الرضا عن النفس يشغل صاحبه عن التفكير بالكمالات أو الفضائل
ولذا قيل : «الراضي عن نفسه مفتون» كما قيل أيضاً : «الإعجاب يمنع من الإزدياد» .
إنّ شعورنا بالرضا عن إنجازاتنا وتفوّقنا مبرر إلى حدٍّ ما، لكن شعورنا بالانتفاخ فلا مبرر له
هو أشبه بالهواء الذي يدور داخل بالون، أو بالورم الذي قد يحسبه البعض سمنة العافية وما هو بالعافية
وفي ذلك يقول الشاعر :
أُعيذها نظرات منكَ صادقةً
أن تحسبَ الشحمَ فيمن شحمُه ورمُ
__________________