آثار كارثية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
الجدار الفاصل.. كارثة انسانية خطيرة على الشعب الفلسطيني
يشكل جدار الفصل العنصري، الذي شرعت قوات الاحتلال الصهيوني في إنشائه قبل نحو عامين على حساب مساحات شاسعة من أراض الضفة الغربية بغية ضمها إلى «الخط الأخضر»، خطورة كبيرة من النواحي الإنسانية والاقتصادية والسياسية على أبناء الشعب الفلسطيني، وممتلكاتهم في ظل سعي قوات الاحتلال لفرض أمر واقع جديد على الأرض.
وأكدت وزارة الزراعة الفلسطينية في تقارير عدة، أن الجدار العنصري، أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع الزراعي، إضافة الى تهديد البيئة الفلسطينية وعزل عدد كبير من القرى والبلدات الفلسطينية، وخصوصاً قرب طولكرم وجنين وقلقيلية.
واستعرض تقرير صادر عن الإدارة العامة للتربة والري في الوزارة، ونشرت نتائجه نهاية الشهر الماضي أبرز انتهاكات قوات الاحتلال الناجمة عن الجدار الفاصل، إضافة إلى شرح مواصفاته الفنية، وآثاره على المياه والتربة والقطاع الزراعي بشكل عام.
وأظهر التقرير أرقاماً وإحصاءات مذهلة تتحدث عن الخسائر الناجمة عن هذا المخطط الخطير، حيث تبين أن إنتاج الزيتون سينخفض بسبب تقطيع آلاف الأشجار المثمرة والمعمرة بمعدل 2200 طن من الزيت في الأعوام المقبلة، إضافة إلى انخفاض إنتاج ثمار الفواكه بمعدل 50 ألف طن، والخضروات بمعدل100 ألف طن سنوياً.
كما سيفقد حوالي 10 آلاف رأس من الماشية مناطق رعيها، إضافة إلى تدمير المئات من البيوت البلاستيكية ومزارع الطيور وحظائر الحيوانات، مما سيؤدي إلى أضرار بالغة وتراكمية على الاقتصاد الفلسطيني.
وأوضح التقرير، أن نسبة الأراضي المروية تعادل 5% من مساحة الضفة الغربية، ولكن مساهمة هذه النسبة المتواضعة في الإنتاج الزراعي للضفة تساوي 52%، في وقت تعتبر مناطق شمال الضفة من أهم المناطق المروية والحيوية، والتي أقيم الجدار الفاصل العنصري على أراضيها، مما جعل قلقيلية وحدها تخسر 8600 دونم بنسبة 72% من أراضيها المروية، وكذلك سبع آبار للري الزراعي.
وستؤدي إقامة الجدار الفاصل إلى مصادرة 10% من أراضي الضفة، حيث تمت مصادرة 160-180 ألف دونم في المرحلة الأولى منه فقط، وهي تعادل2% من أراضي الضفة الغربية، بسبب امتداده إلى عمق 6 كم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1967، وإجراء تعديلات في المرحلة الأولى لضم 10 مستوطنات و17 قرية فلسطينية إلى داخل المناطق المحتلة منذ عام 1948.
وأضاف التقرير أن المرحلة الثانية منه والتي تمتد من قلقيلية في الشمال إلى مدينة القدس، ستضم عدداً آخر من المستوطنات والقرى الفلسطينية والأراضي الزراعية الخصبة.
وعند الانتهاء من هذا الجدار، سيصل العدد الكلي للمستوطنين إلى 343 ألف مستوطن، موضحاً في الوقت ذاته أن قوات الاحتلال جرفت ما مساحته 11500 دونم وقلعت 83 ألف شجرة فقط من أجل عمل ما تسمى المنطقة الأمنية العازلة.
وصادر هذا المخطط 30 بئر مياه في محافظتي قلقيلية وطولكرم بطاقة تصريفية عالية، والتي تم حفرها قبل عام 1967 وتقع على الحوض الجوفي الغربي، مما سيفقد الفلسطينيين 18% من حصتهم في هذا الحوض والتي هي 22 مليون متر مكعب سنوياً من أصل 362 مليون متر مكعب حسب اتفاقات أوسلو، إضافة إلى أنه دمر البنية التحتية لقطاع المياه من مضخات وشبكات الأنابيب الخاصة لمياه الشرب والري الزراعي، مما سيعمل على فقدان بعض القرى الفلسطينية لمصادرها المائية بالكامل.
وتطرق التقرير إلى مخاطر الجدار على البيئة الفلسطينية لكونه عمل على اقتلاع الآلاف من الأشجار المثمرة وخصوصاً الزيتون، حيث وصل عدد الأشجار التي اقتلعت منذ بداية انتفاضة الأقصى إلى مليون شجرة منها 300 ألف شجرة زيتون.
وبين أن أهمية هذه الأشجار تكمن في كونها تعمل على تحسين نوعية الهواء من خلال التقاط حبيبات الغبار واستهلاك ثاني أكسيد الكربون واطلاق الأوكسجين في الجو، والتقليل من جريان المياه وانجراف التربة، وزيادة الفرصة أمام تغذية الخزان الجوفي، إضافة إلى مساهمتها في استدامة الحياة البرية من خلال توفير الملاذ الآمن للطيور والحيوانات الأخرى وبالتالي الحفاظ على التنوع البيئي.
وحول آثار الجدار من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للمواطن الفلسطيني قال التقرير: إن 17 قرية فلسطينية باتت داخل أراضي السور، وتضرر نتيجة ذلك 918.108 فلسطينياً في المرحلة الأولى من المشروع أي بنسبة حوالي 5% من سكان الضفة الغربية.
واشار إلى خطورة ضم أراضي 25 قرية فلسطينية بعد تدمير اقتصادها بالكامل وفصلها عن بعضها البعض، إضافة إلى أنَّ الجدار عائق أمام تنقل المواطنين بشكل عام والمزارعين خصوصاً بسبب الخنادق ومنع التجول بالقرب من السور، إضافة إلى منع الرعاة والمواشي من الاستفادة من الأراضي القريبة من الجدار.
وبين أن المرحلة الثانية من المخطط ستعزل القدس عن الضفة الغربية، إضافة إلى عزل 200 ألف فلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 48 وحرمان آلاف المسلمين والمسيحيين من الصلاة في الأماكن المقدسة في القدس.
وستجني الحكومة الصهيونية من خلال الجدار، ضم مزيد من الأراضي والمياه في محاولة لتحسين الوضع الاقتصادي المتردي في الكيان الصهيوني.
وأشارت جمعية الإغاثة الزراعية، في تقاريرها إلى أن هذا الجدار سيعمل على فصل 14 ألف نسمة يقطنون مناطق سلفيت وقلقيلية، وعزلهم بشكل تام عن المحيط الخارجي، لكونهم سيعيشون بين «الخط الأخضر» والجدار.
وحذرت من أن بناء الجدار، سيؤدي إلى فقدان 6500 فرصة عمل في الزراعة ومرافقها المختلفة حتى الآن، في حين أن العدد قابل للزيادة، إضافة إلى أنه سيعمل على تدمير مساحات واسعة من حقول الزيتون والتي كانت تأتي بـ 22 ألف طن من الزيتون سنوياً، إضافة إلى خسارة ما مقداره (50) ألف طن من ثمار الحمضيات نتيجة تدمير البيارات، وتدمير100منزل وفقاً للإحصاءات المتوفرة لديها.
إن هذا الجدار الذي تقيمه قوات الاحتلال يتكون من سلسلة من الحواجز المكونة من الخنادق والقنوات العميقة والجدران الإسمنتية المرتفعة والأسلاك الشائكة المكهربة وأجهزة المراقبة الإلكترونية، بالإضافة إلى منطقة عازلة تفصل بين هذه الحواجز.
وحسب الإحصاءات الصادرة عن المؤسسات الزراعية ومركز الإحصاء الفلسطيني سيلتهم هذا الجدار مساحة 1328 كم مربعاً أي بنسبة 23.4 % من مساحة الضفة الغربية، وتشمل هذه المساحة غلاف القدس الذي تصل مساحته 170 كم مربعاً، كما تضم هذه المساحة عشرات القرى والبلدات الفلسطينية التي يسكنها 700 ألف نسمة منهم حوالي 300 ألف في منطقة القدس، إن هذا العدد الذي يشكل 25% من عدد سكان الضفة سيجعل هؤلاء المواطنين يخضعون لسياسة التمييز العنصري، كما أنه سيخضع سكان هذه المناطق إلى مراقبة شديدة تجعل من حياتهم جحيماً لا يطاق ليلاً، أما نهاراً فسيجعلهم مقيدي الحركة إلا ضمن تصاريح تصدرها الإدارة المدنية التابعة للقوات الإسرائيلية.