أمسكت القلم ففرت الورقة من تحته بيضاء
ناصعة ، وكان داخلي طافحا بعواطف جياشة
ومتسارعة ، أردت إخراخها فعلقت في ازدحام الآهات
الصادرة من قلبي . فسقط المطر.
تنغمس العواطف في مستنقع الهروب من
واقع الألم لتجد نفسها في كوابيس الآمال
المستحيلة .نفقد الإيمان بوجودنا ،تنحني
البدية ، وتنغلق النهاية، ونكتب كلمات كاذبة،
وتسقط نقطة مطر.
نعود إلى واقع الجرح ، نتذكر حلما هاجر
من نومنا، ويخط القلم ألما لم يستطع الصبر
حمله ،فتشكل الدموع سيلا جارفا، وتسقط نقطة
أخرى.
نبكي لكثيرة ما نضحك على غيرنا ،
ونضحك من شدة البكاء على نفسنا ،فتسيل الدموع على
الخدود الضاحكة ،ونبتسم بوجوده عابسة،
ونحاول النسيان فنغوص في بحور الذكريات
وتسقط نقطة أخرى.
نحبس الهموم في قفص الحرمان ، ونظن أننا
تخلصنا منها ، وسرعان ما نكتشف قضبانه
الوهمية، وتفاجئنا الهموم حرة من قيودها ، ولا
يغادرالحزن ، لنكشف كم هدرنا من أيام العمر ! وكم
حرمنا شموسا من الإشراق في ليل آمنا ! وطعنا
قلوبنا بسكين الصمت . ويبدأ الهطول.
قد نتحرر من قيود الفرح ، وقد نسجن في معتقلات
الحرمان .قد تزورنا الوحدة والكآبة ،تغمرنا بعطفها.قد
نشرب القهوة في جو مشحون بالأحزان. قد يهطل المطر،
فتسيل الأودية ، وتعصف الرياح . قد يحدث كل شيء ونحن
نحتسي القهوة